مراحل التطور الديني للشباب
بالنسبة للدين فإن الشباب يتحركون وفق مراحل هي:
ـ الاستفادة من المعرفة الفطرية التي أودعها الله عند كل الناس.
ـ الاستفادة من العواطف الدينية التي تبدأ في حدود سن 12 وتتصاعد إلى أقصاها.
ـ البحث العقلي والتأمل في آيات الله وما قيل له بهذا الخصوص.
ـ أعمال الذهن في تحليل القضايا لمعرفة وتقييمها.
ـ الإيمان بالله ومحبته وتطبيق تعاليمه وفي التربية سيكون مهما بالنسبة للآباء والمربين ويستوجب متابعة كل هذه المراحل لمنع التراجع والسقوط وإيصالهم إلى التقدم والموفقية إذ أنهم يحتاجون إلى التوجيه باستمرار وإلى وجود القدوة التي تكرس النموذج الصالح.
ـ دور الإيمان:
إن التعليم الديني يحتاج إلى أرضية للإيمان بالله وتطبيق التعاليم الإلهية في هذا الإطار يجب الخروج من الحدود الخاص. وكذلك فإن الأساس في هذا هو الإيمان القائم على العقل والمصحوب بعواطف متوازنة.
ومن هنا فإن تقوية الإيمان عندهم يسبب ما يلي:
تخفيف الاضطرابات الناشئة من الهوس الغريزي أو إزالتها.
ـ النوم العميق الخالي من الوساوس.
ـ يحفظ الشاب من الانهيار والسقوط ويعينه على مواجهة المشاكل.
ـ إذا تعرض إلى خسارة فإنه لا ينهار.
ـ يحفظ الشاب في مواقع الخير.
فالدين يعمل على تقليص الذنوب وخصوصاً بالنسبة للشباب الذين يدفعهم إيمانهم إلى الاستقرار. كما إن الكثير من الأمراض تزول بفضل الإيمان بالله والعناية الجدية أو أنها لا تظهر أبداً.
ـ المراقبة اللازمة:
بالنسبة للتربية الدينية فإنها بصورة عادية تنطوي على مسائل كثيرة ترتبط بحياة الإنسان ويمكننا الإشارة إلى بعضها كما يلي:
أ ـ مراقبة التعليم، فالمراقبة بالنسبة للتعليم ضرورية منذ الولادة وحتى سنين البلوغ وربما لأبعد من ذلك يجب على الوالدين أن لا يغفلوا عن أبناءهم وأما ما يجب الاهتمام به فهو كالآتي:
كما يجب إعداد المعلمين القادرين على التوجيه الصحيح لأن الدين يمكن أن يقدم للشباب بصورتين إما أن نقول أنه مخيف مرعب أو مسار غير قابل للاجتناب، أما أن ينتهي إلى السعادة أو الشقاء.
وللاستفادة من قوة الدين في التربية يجب:
ـ أن تعرفه بأن الله له صفات محبوبة.
ـ الاستفادة من محبته لله لتطبيق تعاليم الدين.
وعلى أساس التجربة سيكون الدين بدون علم منشأ خرافات وتخلفات في العقل. ولربما لهذا السبب في الإسلام كان الدين ومنذ القدم في المسجد إلى جانب المدرسة وبذلت الجهد لتكون الأخلاق إلى جانب الإيمان.
وعكس هذه القضية أيضاً صحيح فإذا جاء العلم بدون دين فإن هناك نكبات واضطرابات ستنشأ ويغرق المجتمع في الماديات ويخر الناس نحو السقوط فالدين بحيرة اطمئنان للعلم كما أن نور العلم ينير الدرب للبشرية وعلينا أن لا نغفل عن ذلك.
وعن طريق التربية الدينية يمكن أن نوجه الشباب إلى الطريق السوي إذ تتم السيطرة على الرغبات وتنجيه من الإفراط والتفريط مما سيؤدي إلى خلاصهم من حالات السقوط.
لابد من أن تكون التربية بأسلوب يؤدي بالشاب إلى اهتمام عقائده الدينية وأن يستطيع الرد على كل الاعتراضات وأن تقدم له على لسان الخصم لابد من إغلاق كل المنافذ التي ينفذ منها الخصم وأن يتحرك العقل والمنطق ويعملا في هذا الاتجاه ولا يتبع طريقاً بدون تفكير حي.
من الضروري أن يتم الإيمان بعد تفكر.
والذي يجعل من الدعوة الدينية مؤثرة شيئان الأول هو الخطب والأحاديث التي تعتمد المنطق وتلائم الإدراك والفهم ثم استخدام الحماس والعواطف لأن عمر الشباب هو عمر فوران العواطف والمشاعر ولذلك فإن الدعوة ستكون مؤثرة.
لقد قلنا سابقاً إن أولادنا يرون فينا قدوة لهم فإذا كنا صالحين فإن احتمال صلاحهم كبير جداً وإن كنا متعبدين فإننا سنتمكن من جر أبنائنا إلى التعبد فتأثير الأفعال في الناس كبير جداً ولا يجب أن نتناساه.
فالأسرة التي لا تمارس الشعائر الدينية وين لا يمارس الأب والأم والمعلم واجبات دينية فإن احتمال أداء الأبناء لها ضعيف جداً ولهذا فإن الأولياء المسلمين يتوجب عليهم أن يعرفوا أبناءهم بالواجبات الدينية بأسلوب عملي وأن يدفعوهم إلى الصلاح كذلك.
ب ـ في البناء الديني: في ذهن وتفكير الشباب تساؤلات كثيرة تتعلق بالله والمعاد والحساب والصراط والمعجزة والوحي والقبر والعدل والاختيار والإجبار و ... ويلوح لنا أن هذه المسائل ما لم يتم الإجابة عليها بطريقة منطقية فإننا لن نستطيع إقناع الشباب بالاتجاه إلى الدين، كما يجب القضاء على الشكوك والتردد ومحو الوساوس وأن نضع بين أيديهم معلومات صيحة لأن أي عبادة ستفقد قيمتها إذا اقترنت بالشك والريب.
إننا نجد عند الشباب ميول دينية ويمكن توظيف هذه الميول للتربية وتعويدهم على قراءة القرآن وأن يمتزج ذلك بدمائهم ولحومهم. وهو أمر ليس صعباً جداً.
من المسائل التربوية الدينية المهمة أن يراعي التوازن في الانتماء الديني أي عدم الإفراط أو التفريط في أداء العبادات لأن كلا الطرفين خطر جداً.
الإمام الصادق (ع) يقول: ((اجتهدت في العبادة وأنا شاب، فقال لي أبي: دون ما أراك تضع فإن الله عزوجل إذا أحب عبداً رضي منه باليسير)).
ح ـ البناء الديني: أولئك الذين لا نجد فيهم رغبة في الدين يجب أن لا نيأس من عودتهم إليه لأن فطرة هؤلاء حية ولكنها مخدرة. وعليه فأرضية العودة موجودة وخصوصاً في هذه السن التي تتصاعد عندهم بقوة.
فالشاب يبحث عن الفضيلة والانطلاق نحو الخير والسعادة. إنه يحب أن يصب فرداً مؤمناً وطاهراً وإن الدين بالنسبة له محترم جداً. وهذا كله بشرط أن يسيقه التوجيه الصحيح.
وعند البناء الديني لابد من تطهير الذهن وتخليصه من الشوائب وأن نملأ الفراغات بمعلومات إيجابية وأن نغسل نقاط التلوث في الفكر بأفكار خيرة.
كما أن علينا أن ندرس أسباب التردي والانحطاط وأن نسعى بعد ذلك لعدم تكرارها إذا كانت قد وجدت.
د ـ الاستفادة من الحماس الديني: حب الشاب والمراهق للدين باعث قوي وصحيح له للاتجاه نحوه. والحماس هذا نفسه سبب للتوجيه والتحرك نحو أهداف محددة ويمكن أن تكون عامل بناء لاتجاه سياسي.
المهم هو الاستقلال الصحيح من قبل الآباء والمربين من هذه الميول والحب فهذا النزوع الطبيعي يمكن أن يجاب بصورة حسنة بحيث أن لا يتحول إلى متشدد ومتعصب أو لا أبالي بالدين وأفكاره.
من الحماس المذهبي لابد أن نستفاد من توجيهم نحو الخير والتوازن والتعاضد الاجتماعي. الحرب والجهاد في طريق الخير أو الحرب والجهاد في سبيل الله والنزوع لتحقيق أهداف إنسانية وإسلامية وأن نسعى أن لا نتعبهم وأن لا يحصل إفراط أو تفريط وأن ينحصر سعينا في ملاحقة سبل الحق والتعاليم الصحيحة وأن تتوجه قوى الشباب لتنمية المجتمع ونشر الإسلام والدعوة إليه. 1 ـ التعليمات اللازمة: يحتاج الإنسان إلى تشكيل معرفة صحيحة عن الدين. وعلى وسائل التربية أن تشبع هذه الحاجة، ويجب توفير كل الحقائق بالتعاليم المرتبطة بالتعاليم الدينية في إطار الأصول والفروع والعلاقات والمسائل وتقديمها بصورة صحيحة. 2 ـ المزج بين العلم والدين: من الضروري أن يدرك الشباب أن العلم والدين توأمان وأن العلم والأخلاق يؤديان سويةً واجب واحد. وأن الخطر ينشأ من الهرج والمرج. 3 ـ أسلوب الدفاع عن المعتقدات: في التربية لابد أن يتعلم الأفراد أسلوب الدفاع عن معتقداتهم منذ البداية يجب أن يمتلكوا الإجابة على سؤال لماذا صاروا مسلمين ولماذا يتبعون أمر الله. 4 ـ أسلوب الدعوة للدين: من المفيد جداً تفشي الدعوة للدين بين الشباب لأن هذه الدعوة تقطع الطريق على الانحرافات والانزلاقات، وعلى العكس من ذلك فإن الانحرافات والانزلاقات تنشأ من الدعوات المضادة. 5 ـ القدوة: ليس من الضروري أن نعلمهم كل ما نروم تعليمه لهم من خلال الخطب بل يمكن من خلال تقديم النموذج المناسب والقدوة الصالحة لهم أن تقطع شوطاً مهماً على هذا الصعيد وكم سيكون حسناً جداً أن يكون الداعي الدين قدوة ونموذجاً له. 2 ـ إيجاد العادات الدينية: علينا هنا أيضاً أن نسعى منذ البداية إلى ترسيخ العادات الدينية عند الشباب تدريجياً، ومع التكرار والتذكير بالواجبات الإنسانية والعبادية تقضى على الإحساس بالتثاقل من أدائها وتخلق الإيمان بها. فالشاب يبحث عن الفضيلة والانطلاق نحوها.